الشعلة الأولمبية: التاريخ والرمزية
تعد دورة بكين دورة الشعلة بامتياز نظرا لما خلفته جولتها من احتجاجات وجدل واسع في مختلف الأصقاع والأصعدة
تعد دورة بكين دورة الشعلة بامتياز نظرا لما خلفته جولتها من احتجاجات وجدل واسع في مختلف الأصقاع والأصعدة
(CNN)-- ربّما تعدّ رحلة الشعلة الأولمبية لهذه الدورة، حدثا بحد ذاته ستحفظه أجيال وأجيال زيادة على سجلات الحركة الأولمبية.
فقد اعترضت الشعلة منذ إيقادها عدة عراقيل بدءًا من إشعالها في جبل أولمبوس مهد الألعاب الأولمبية القديمة في اليونان تحت حراسة أمنية مشددة، بعد محاولات من أشخاص عدة الاقتراب من المنصة الرسمية التي ألقى عليها أحد المسؤولين في اللجنة الأولمبية المنظمة للدورة خطابا في هذه المناسبة، ورفع المتظاهرون شعارات تقول "قاطعوا الدولة التي تنتهك حقوق الإنسان" في حين صرخ شخص آخر من وراء المنصة الرسمية "حرية حرية."
لكن أبرز الصعوبات التي واجهتها الشعلة عبر رحلتها، كانت في لندن وباريس، فقد حاول المتظاهرون في لندن اختطاف الشعلة، مما حدا بالسلطات الأمنية إلى إجراء تعديلات علي مسيرتها، وفي باريس قاطع ناشطون مسار الشعلة ووقعت صدامات بينهم وبين الشرطة بعد أن أجبروا حامليها على إطفائها ثلاث مرات وإلغاء المراحل الأخيرة في المسار.
وخوفا من تكرار هذا السيناريو في الولايات المتحدة غيرت السلطات الأمريكية مسار الشعلة وتم إبعادها عن آلاف المتظاهرين الذين احتشدوا قرب شاطئ خليج سان فرانسيسكو للتعبير عن احتجاجهم.
كما تم تغيير مسار الشعلة في اللحظة الأخيرة، وقام مسؤولون بحمل الشعلة على متن شاحنة صغيرة ساروا بها لمسافة كيلومترين ثم سلموها لاثنين من العدائين بعيدا عن عيون المتظاهرين والإعلاميين.
كل هذه الأحداث ألقت بظلالها على أعضاء اللجنة الأولمبية، فقد أشار مسؤولون في اللجنة الأولمبية الدولية إلى أنهم سيدرسون احتمال إلغاء رحلة الشعلة حول العالم في المستقبل بعد دورة بكين، عقب الحوادث التي رافقت مسارها في باريس ولندن.
روابط ذات علاقة
* الألعاب الأولمبية الحديثة: أرقام وتعليقات
وانطلقت رحلة تتابع شعلة أولمبياد بكين 2008 ترجمة للفكرة الأساسية المتمثلة في رحلة الوئام تحت شعار "الشغف المشتعل.. الحلم المشترك" ومرّ لهب الشعلة عبر 22 مدينة من مدن القارات الخمس وعبر جميع مقاطعات الصين وأقاليمها وبلدياتها قاطعا مسافة 137000 كم خلال 130 يوما .
وقدّر عدد حاملي الشعلة خلال هذه الرحلة بنحو 22 ألف شخص وهي بذلك تصبح رحلة التتابع الأطول والأشمل ما يؤهلها لأن تكون أحد أروع الفصول في تاريخ الحركة الأولمبية.
وكانت اللجنة المنظمة لمرور شعلة أولمبياد بكين قامت باختيار 21 مدينة على مستوى العالم لمرور الشعلة تبدأ من ألماتي واسطنبول وفي سانت بطرسبرغ ولندن وباريس وسان فرانسيسكو وبيونس أيرس ودار السلام ومسقط وإسلام أباد ومومباي وبانكوك وكوالالمبور وجاكرتا وكانابرا وناغانو وسول وبيونغ يانغ وشيلمن وهونغ كونغ وماكاو (الصين) بالإضافة إلى جميع مدن الصين.
ويستمد تصميم الشعلة الأولمبية شكلا مستلهما في الكثير من جوانبه "غيوم السعد" التي ترمز إلى التعايش والتوافق، وتعود فكرة "غيوم السعد " في الصين إلى أكثر من ألف عام مضت كما تستمد الشعلة شكلها من طريقة صينية تقليدية للف الورق.
ويبلغ طول الشعلة 72 سم ووزنها 985 جم وتقوى على تحمل اللهب بارتفاع 25 ـ 30 سم لمدة 15 دقيقة ولها القدرة على العمل في الأجواء الممطرة، ويمكن تمييز لهب الشعلة بكل سهولة تحت مختلف ظروف الإضاءة وهذه ميزة محبذة لأغراض التصوير الفوتوغرافي والفيديو.
رحلة الشعلة فرصة ثمينة لإعطاء الصين فكرة واضحة بأن هناك قطاعات كثيرة من المجتمع الدولي تعارض بقوة الممارسات الصينية في التبت، وكان بالإمكان أن تكسب هذه الاحتجاجات المزيد من الأهمية لو أنها نظمت بأسلوب بعيد عن العنف والغوغاء.
advertisement
يذكر أن رحلة الشعلة حول العالم تقليد جرى إحياؤه في عام 2004 بعد عودة الألعاب الأولمبية إلى أثينا.
والرحلة الأولى للشعلة كانت في أولمبياد 1936، كجزء من الحملة البرلمانية النازية التي جعلت من برلين من أكثر الأمثلة سوءا لهذه الألعاب في العصر الحديث.